الاثنين، 16 مارس 2015

‫#‏على_هامش_التنوير‬.. ‫#‏_الاصلاح_الديني_وهـــــــــــم‬.


لماذا دائما عندما نتحدث عن جيل النهضة ورواده ، لا نتكلم الا عن أسماء محددة نذكرهم ك_"الطهطاوي " و "الافغاني " ، والشيخ "محمد عبده" والشيخ "علي عبد الرازق " ،ثم نتباكى عليهم كمصلحين دينين افتقدناهم ؟؟
لماذا دائما لا نذكر الا عملية "الاصلاح الديني" كعنصر وحيد في عملية النهضة أو عملية التنوير المأمولة ، كتعليق أمل كبير على ما يقوم به اسلام البحيري حاليا ؟؟
رغم أني قلتها سابقا من أن الامام "محمد عبده "لم يكُ من رواد التنوير ، بل كان على الضد من ذلك تماما . ورغم تقديري للدور الذي يلعبه "اسلام البحيري" حاليا من هدم لسلطة القدماء ، والذي يعول عليه بعض الناس كثيرا ..
أقولها مرة ثانية ، وقد يكون كلامي صادما لبعض الاصدقاء ، لا يوجد هناك ما يسمى بعملية "الاصلاح الديني " اطلاقا .. حتى وعلى افتراض ان "عملية الاصلاح الديني" المزعومة هذه مهمة كبداية للتنوير ، كما حدث على يد "لوثر " و "كالفن " ، فأقول ان هذه المهمة لهي أضعف جانب أو أقل رقم في معادلة التنوير كما أفهمها ..
لماذا عملية "الاصلاح الديني" وهم ؟
وما القول فى "مارتن لوتر" و "كالفن " ؟؟
يتحدث اريك فروم فى كتابه
"الخوف من الحرية " عن لوثر فيقول :
" هناك بعض المعتقدات عند لوثر وكالفن مشابهة لمعتقدات كنيسة العصور الوسطى حتى أنه يصعب أحيانا أن نبين أي اختلاف جوهري بينهما . فالكنيسة الكاثوليكية شأنها شأن البروتستانية والكالفينية قد أنكرت دائما أن الانسان _استنادا الى قوة فضائله وجداراته وحدها _أن يجد خلاصا وأنكرت أن الانسان يستطيع أن يتصرف بدون رحمة الله باعتباره الوسيلة التي لا مفر منها ..".
اذا ما قرأت سيرة "لوثر" بتعمق ، ستجده أراد من البداية هدم وازاحة سلطة دينية قائمة ،واقامة سلطة دينية أخرى كما يفهمها هو لتحل محمل السابقة ، فمارتن لوتر لم يثور ويخرج على الكنيسة من أجل دعم الحرية الدينية أو حتى الضمير الانساني ، فكما لم يتسامح الكاثوليك مع الطوائف الدينية الاخرى ، كذلك فعل البروتستانت ، فكل ما فعله "لوثر" ، هو ازاحة سلطة الكنيسة ليقيموا سلطة الانجيل كما فهمه كالفن ومن قبله لوثر ، ويكفى ان مارتن لوثر وكالفن كانا من أشد الناس عداوة للنظريات العلمية الجديدة كتلك التي جاء بها كوبرنيكوس مثلهم فى ذلك مثل الكنيسة الكاثوليكية ، بل وحتى اذا ما نظرت الي رأيهم في شكل الحكومة لرأيتهم كانوا ينادون بالسلطة المطلقة للحاكم ، وقاموا باحراق غيرهم كالكاتب الاسباني "سيرفيتوس" الذي أراد ان ينتقد فكرة "الثالوث " ..
لكن لماذا يعزي الكثيرون عملية "الاصلاح الديني "الى "لوثر" و "كالفن " ؟؟
رغم اني قد كوّنت رأيا مؤخرا من أن من يقول ذلك ، يكون قد قرأ سيرة "لوثر" قراءة سطحية جدا . لكن جريا مع العادة أقول ، أنه لما تفرعت عن البروتستانية فرقا أخرى ، جال في خاطرهم هذا السؤال :
ولماذا لا نتشكك في فهم "لوثر" و "كالفن " للانجيل ، كما تشكك هو في فهم الكنيسة له بالعصور الوسطى ، أو ليس لنا هذا الحق مثلما كان له ؟؟.. وشيئا أخر قد حدث دون قصد انه مع تشكيك لوثر أولا في سلطة الكنيسة ، ثم تشكك قادة الفرق الاخرى التى تفرعت من البروتستانية فى سلطة لوثر وكالفن مع الاكتشافات العلمية التى واكبت تلك الفترة الزمنية والاكتشافات الجغرافية الاخرى ،كل هذه العوامل قد جاءت بطراز جديد من الأوضاع الدينية والاجتماعية كان من شأنها أن تضمن عملية "الحرية الدينية " والتى كان ضدها "لوثر " و"كالفن " بكل تأكيد ، ولو كان لوثر وكالفن يعلمان ما ستؤل اليه الامور اخر المطاف من تفريغ كل الكنائس من مضمونها ،لما تحركا خطوة واحدة فى ذاك الطريق الذي مشوه ...
ما علاقة كل ذلك ب"محمد عبده " و"اسلام البحيري " وعملية التنوير المأمولة ؟؟
ماأراد محمد عبده ان يقوم به سابقا هو شىء أقرب لما قام به مارتن لوتر ، هو ازاحة سلطة دينية قائمة واقامة أخرى مكانها ، وكذلك اسلام البحيري ، فهما أولا واخيرا رجلا دين ، وعلى فرض ان محمد عبده كان قد نجح فيما سبق أو نجح اسلام البحيري حاليا ؟ ؟ ستجد أن هناك طائفة دينية اخرى تقوم بطريقة دينامية كرد فعل طبيعي ،ثم تزايد على عملية التفريط التي احداثهما في الدين ، فبكل تأكيد الفرق الدينية تولد بعضها بعضا بطريقة ديالكتيكية كما حدثنا التاريخ ..
وما هى عوامل التنوير التى قد حدثت في أوروبا ؟؟
كانت هناك بعض أسئلة أساسية انشغل بها الناس ، ألا وهي ، كيف يُنظر الى :
الله ..هل هو موجود ؟ وان كان موجودا فكيف نعرفه ونعرف صفاته ؟وعلى أى شكل تكوت علاقتنا به ؟؟
الطبيعة ..قبل كوبرنيكوس ،كانت تعني أن الارض في مركز الكون والاجرام السماوية بما فيها الشمس تدور حول الارض ، مما يعنى ان هناك ثمة رسالة تفهم من ذلك ان الكون قد خلق للانسان ،فالانسان مركزا للكون وقد خلق من اجله ، وبطبيعة الحال رجال الدين هم الممثلون لله على الارض ،الى ان تصدع هذا النسق بنظريات كوبرنيكوس..
الانسان ..ماهو الانسان اذن ؟ ، هل الانسان كيان قائم بذاته أم هو ترس في ألة جبارة ؟ قال عنه "هكسلي " هو :"سؤال الاسئلة " ..ثم انشغل المفكرون في مباحث "حرية الارادة والجبر وما الى ذلك ؟؟
المجتمع ..علاقة الفرد بالمجتمع وعلاقة المجتمع به ؟ والى اى مدى من الممكن قد تتداخل العلاقة بينهما . وما هي صور الحكومات الحسنة؟ وهل المجتمعات دينامية أم ساكنة . الخ الخ
التاريخ .. ما هى دلالات الماضي والى اى مدى ممكن ننتفع منه؟؟ وهل من الافضل أن يتمعن الحاضر فيه ليجد اجابات عن الاسئلة الحاضرة أم ماذا ؟ وهل التاريخ تقدمي ام دوري ؟ ؟
كل تلك الاسئلة تربط بطريقة أو اخرى بعضها ببعض ، والانسان هو مركزها فكما يقول ديفيد هيوم :" واضح ان جميع العلوم لها علاقة كبرت او صغرت بالطبيعة البشرية ؟؟
كل تلك الاسئلة تصدى لها مفكرون يتطلعون الى المستقبل ، ودخلوا فى معاك عنيفة مع دعاة الماضي ،وظلت تلك المعارك حامية الوطيس لعدة قرون ..
فأخرجوا لنا مبحثا واحدا من تلك المباحث من كل اعمال محمد عبده ،أو كل من تسموهم رواد النهضة ؟؟!!..
الخلاصة :
"تنهض الامم بقدر ما تنخفض فيها سلطة رجال الدين "
شاء من شاء وأبى من أبى ....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق